الصداقات هي عائلات وأوطان بديلة في الغربة

الصداقات هي عائلات وأوطان بديلة في الغربة

الصداقات هي عائلات وأوطان بديلة في الغربة

يقول شخص ما ،في ظلّ أيام صعبة متواصلة، وعندما أريد التفكير بما يجعلها خفيفة الثقل على قلبي، أفكر بالصداقة فوراً، وخصوصاً أفكر بصديقاتي النساء التي جمعتني الحياة بهن في ظروف عديدة، واخترنا وقررنا أن نكون صديقات بلا تصريح وبشكل مباشر.

الصداقة هي فعل اختياري؟

ولم لا، وربما هو فعل اختياري بين شخصين أو أكثر من الأشخاص، ولها أشكال عديدة.

لكننا أيضاً في كثير من الأحيان نحتاج أن نتعلّم كيف نبني صداقات، وكيف نتصرّف داخل هذه الصداقات وكيف نحافظ عليها؟

وفي ذات الوقت، كيف نحمي أنفسنا من خيبات الصداقة ؟

اعتباراً أن الصداقة تقع في خانة العلاقات الإنسانية ،وهذه العلاقة تتعرض كباقي العلاقات إلى صراعات ومشاكل وظروف قاسية قادرة على محو جماليتها،
، والخيبات التي نمر فيها قادرة أن تجعلنا ننزع ثقتنا بالصداقات بشكل عام أيضاً،

وهذا لأننا جئنا من بلاد عملت وسعت الأنظمة السياسية القمعية والأبوية فيها إلى تفرقة الناس بشتّى الطرق، حتى تواصل سيطرتها، فاستغلت ت
علاقة الصداقة بين الناس من أجل مصالحها الخاصة.

وكان الصديق في أحيان كثيرة موضع شكّ وخوف، وهنا فقدت الصداقة معناها، وأصبحت شبه نادرة ومعدومة وصعبة لدى البعض.

يشغلني سؤال الصداقة

تشغلني الصداقة دائماً، لكن خصوصاً تشغلني الصداقة أكثر في الأيام القاسية التي نعيشها، والظروف السياسية والاجتماعية وتلك البيئية أيضاً التي تمنعنا من ممارسة حيواتنا بشكل يومي طبيعي وعادي …

وأيضاً تشغلني في ظل لجوء قسري أو اختياري من بلادنا.

إذا كيف نعيش الصداقة في الشتات أو بلاد اللجوء، أو فيما تُسمى الغربة؟

في الغربة، بعيداً عن بلادنا الأصلية، التي ربما كان فيها الأصدقاء ملاجئ الأمان الوحيدة ويمكن أيضاً أنهم كانوا خيبات إضافية، جميعهم أو بعضهم.

اقرأ ايضاً: أفضل 10 منفذي لضربات الجزاء في التاريخ

تجارب لصداقات بالغربة

أولاً: في حوار مع شخصية إسمها ؛مايا البوطي من سوريا، قالت: “وصلت إلى البلد التي لجأت في عمر الثلاثينات، عندما تركت ورائي أصدقاءً بنيّت معهم علاقة قوية ومتينة متينة، حتى أن زوجي هو من قائمة أصدقائي الأعزاء”.

وتتابع قولها: “أصدقائي هم الذين ساهموا في نجاتي من كثير من العنف والاضطهاد الذي نعاني منه في بلادنا، وهم من جعلوني أصل لحالة من التوازن والقدرة على التعايش مع واقعي.

مثل هذه الصداقات لا أقدر على استبدالها أو إيجاد مساوي لها هنا في غربتي .
ومثال هذه الصداقات ،هي التي جعلت من وطني مكاناً صالحاً للحياة”.

ثانياً: عبير غطّاس من لبنان، من وجهة نظرها ترى أن الصداقة هي شيئاً أساسياً في الغربة.

و أن الصداقة تجعل الغربة طيّبة،.

وتتابع قولها: “أنها وجدت بأصدقائها عائلة ثانية في الغربة، وهم يجعلون كل شيء في حياتها أسهل”.

وتضيف أيضًا: “بدايةً بحثت عن صداقات تشبهني، أصدقاء أتواصل معهم بلغتي العربية، يحبون نفس الطعام والموسيقى.

ولكن برلين ها هنا، علمتني أن أكون انتقائية واجتماعية ومنفتحة الثقافات، وأن أفتح أبواباً لصداقات من ثقافات أخرى.

في برلين الصداقة مختلفة عما أعرفه، مشوقة أيضاً، وهذا هو أساس الصداقات بالنسبة لي، اكتشاف لعوالم جديدة، حتّى لو لم أحبّها”.

وبالتالي، بعيداً عن عائلاتنا، أردنا أن نكون عائلات جديدة بديلة من خلال الأصدقاء والصديقات.

بالرغم أن أشكال الصداقات في الغربة مختلفة قليلة عما عشناه في بلادنا، و أن الصداقات هناك في بلادنا ليست بالضرورة أن تعوّض عن العائلة، مع أنه يمكن ذلك بالطبع.

لكن هُنا، فيما يُسمى الغربة، وغالباً في غياب العائلة، نحتاج أن نعيش حاجة أعمق لبناء عائلات بديلة من الصداقات، لتكون ملاذنا وأماننا الوحيد.

حتّى أن طقوس هذه العلاقات لا ترتكز فقط على الفضاءات العامّة، فتفتح بيوتنا وغرفنا وأسرّتنا أيضاً، لمشاركة الطعام أيام المناسبات كالأعياد مثلاً.

أو الأصدقاء هم من يتولون مسؤولية ترتيب مراسم فرح ما بين عروسين، أو هم من يمكن لنا أن نبكي على أكتافهم عند الخوف والقلق ونحضنهم على أسرّتنا وننام بأمان.

ثالثاً: في خطاب مع نور فليحان، معلّمة ومرشدة اجتماعيّة سورية مقيمة في برلين، حول موضوع الصداقة في الغربة.

تطرقت في البداية إلى أن مسألة الصداقة بالنسبة لها أقل تركيباً.

لأن برلين هي ليست أول تجربة لها في الغربة، لكنها مختلفة، فقد عاشت لسنوات طويلة في الكويت، في بيئة تختلف ثقافياً بشكل ما حتى لو عربية.

وتتابع قولها: “لطالما شعرت أن هنالك شيء آخر في الحياة، وهنالك شيء جميل فيها.

وهنا في برلين أعيش تفاصيل مشابهة بشكل مختلف.

مسألة تقبل الآخرين تمنحني فرص اختبار نفسي، هل أشبه ما أؤمن به؟”.

بالإضافة إلى أسئلة الصداقة والغربة، التي يعيشها الكثيرون/ات جاء عامل اضافي في الأعوام السابقة ألا وهو الكورونا

كيف أثرت الكورونا على الصداقات

الفايروس المسمى بالكورونا وما نتج عنه من إجراءات حماية وتباعد اجتماعي، وجّه الضوء بشكل مختلف على الصداقات.

أصعبها كان السؤال:

متى سأحضن أصدقائي وصديقاتي من جديد؟…

أحضن بعضهم/ن اليوم في هذه المدينة، وآخرين/ات أنتظر فرصة لقائهم/ن.

لكن بكل تأكيد كان السؤال تأكيداً إضافياً على أن الصداقات هي مساحات حنونة تقينا من قسوة العالم، حتّى وإن أخاب ظننا من بعضها.

لكن حتماً تأتي صداقات أخرى لتؤكد قيمتها في حياة البشر.


يمنكم متابعتنا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا
يمنكم متابعتنا على قناتنا على التليجرام من هنا
يمنكم متابعتنا على قناتنا على اليوتيوب من هنا
يمنكم متابعتنا على تويتر من هنا
تبرع لنا و ادعمنا من هنا

تعليقات (0)

إغلاق