نظرية التعلم بالاكتشاف (برونر)

نظرية التعلم بالاكتشاف (برونر)

تعد نظرية التعلم بالاكتشاف امتدادا للتفكير المعرفي لمفهوم التعلم، فقد قام (جيروم برونر _ 1966) بتطبيق أسس التعلم المعرفي في مجال التعليم حيث انطلق من مبدأ : “أن الإنسان كائن فاعل ومتفاعل مع البيئة”، لذلك يجب أن تعكس مواقف التعلم جميعها هذا المفهوم، فتتيح للفرد فرصة العلم من خلال استثمار طاقاته العقلية ، وإبراز دوره الإيجابي في مواقف التعلم، ولتحقيق ذلك يجب أن يتحول الموقف التعليمي من حشو ذهن التلميذ بالمعلومات والحقائق فقط إلى تقديم المعلومات بطريقة تمكنه من اكتشف العلاقات بينها، والوصول إلى القوانين والمبادئ التي تحكمها، وبهذا يؤكد التعلم بالاكتشاف علي عملية التعليم وليس علي نتائج التعليم.

و يرى برونر أن لكل فرد طاقة داخلية للتعلم، ويركز على تفاعل المتعلم مع الأشياء الموجودة من حوله في عملية تعلمه، ولابد من تجهيز وإثراء البيئة المحيطة بهذا المتعلم بكافة المواد والأشياء التي تعينه على استثمار هذه الطاقة الداخلية في تعلمه والذي يمكن أن يكون على شكل خبرات حسية مباشرة يتعرض لها المتعلم خاصة في مراحل تعلمه الأولى، وهذه النظرية لا تركز على النتائج المكتشفة بل تهتم بالعمليات العقلية والأفعال التي يقوم بها المتعلم والتي أدت به إلى هذه النتيجة وهذا ما يزيد الأمر روعة وجمالا.

المبادئ الأساسية لنظرية (برونر) التعليمية:

أولاً: الميل للتعليم

يرى (برونر) أن الموقف التعليمي بعد موقنا استقصائياً، يقوم فيه المتعلم بالبحث عن حلول المشكلات يتضمنها ذلك الموقف، ومن ثم ينبغي تفاعل المتعلم مع عناصر الموقف المشكل مما يستوجب توافر قدر كاف من المبل الديه ، ويتطلب ذلك أمرين:ي

  • أن تؤدي التربية البيئية قبل المدرسة إلى غرس هذا الميل، ومما يساعد في ذلك النمط الثقافي للبيئية والدافعية الشخصية للطفل.
  • أن يساعد المعلم على إثارة الميل لدى المتعلم من خلال المواقف التدريسية.

ثانياً: بناء المعرفة

لكي تبني المعرفة في ذهن المتعلم بطريقة صحيحة ينبغي أن تنظم المادة الدراسية بشكل يسمح للمتعلم بتمثلها، ومن ثم يتمكن من فهمها واستيعابها ويتوافر للمعلم في رأي (برونر) ثلاثة سبل لتحقيق ذلك:

1- طريقة العرض

وهو الأسلوب الذي يتبعه المعلم في نقل المعرفة وتوصيلها إلى تلاميذه، ويميز (برونر) بين ثلاثة أساليب لعرض المعرفة وفق خصائص النمو العقلي للمتعلمين:

  • الأسلوب العملي الواقعي: يناسب طفل ما قبل المدرسة، وتعرض فيه المعلومات عن طريق الأفعال والأشياء والنشاط الحسي.
  • الأسلوب التصويري: يری (برونر) أن الأطفال من سن الثالثة حتى الثامنة يستطيعون تكوين صور ذهنية للأشياء والأفعال، فيصبحون أكثر قدرة على التعلم بالصورة كبديل للخبرات المباشرة.
  • الأسلوب الرمزي : ويتم العرض من خلال الكلمات أو الأرقام بدلا من استخدام الصور.

2- الاقتصاد في تقديم المعلومات

ويقصد برونر الاقتصاد في مقدار المعلومات التي ينبغي تعليمها، وذلك لأن التعليم من وجهة نظره اکتشافياً يحدث من خلاله حل المشكلات، الأمر الذي يتطلب من المعلمين مراعاة عامل الاقتصاد في عرضهم المادة التعليمية.

3- فعالية العرض

إن العرض الفعال هو الذي يبسط المعرفة العلمية أمام المتعلمين فكلما كانت المادة مبسطة في عرضها كانت أكثر تأثيرا في المتعلمين وأيسر استیعاباً.

ثالثاً: التسلسل في عرض الخبرات

تعد بنية المعرفة المحور الرئيسي الذي تدور حوله نظرية (برونر)، لذا فإنه يرى أن التسلسل في عرض المعلومات وإعادة عرضها للمتعلمين ينبغي أن تؤدي بهم إلى فهم بنية المادة الدراسية الأمر الذي يقودهم إلى التمكن من تحويل المعرفة إلى صورة جديدة، كما أن التسلسل في عرض الخيرات يكسب المتعلم القدرة على نقل المادة المتعلمة إلى مواقف جديدة.

رابعاً: التعزيز

يتوقف التعلم الجيد من وجهة (برونر) على معرفة المتعلم نتائج نشاطه التعليمي، وما يقدم له من تعزيزات، و زمان ومكان تقديمها، وبصفة عامة فإن نظرية (برونر) قدمت لواضعي المناهج الدراسية والمعلمين خدمة جليلة حين قدمت تصور لكيفية تكون البنيات المعرفية لدى المتعلمين من خلال إدراكهم خصائص الأشياء، وأوجه الشبه والاختلاف بينها، ثم إدراك الأساس التصنيفي لها، وتبويبها، وترميزها فيما بعد، وتتضمن عملية التعليم بالنسبة ( اليرينر) ثلاثة مفاهيم أساسية وهي الاكتساب، والتحويل، والاختبار.

ويري برونر أن هذه العمليات تتم بشكل متزامن، حيث أن:

  • الاكتساب: هو العملية التي يستقبل فيها التلميذ المعلومات الخارجية.
  • التحويل: فهو عملية خلق معنی لهذه المعلومات ( تفسيرها) وربطها بما لديه من خبرات.
  • الاختبار: فهو عملية التيقن والتحقق من صحة وسلامة هذه المعلومات.

ومن خلال فهمنا لهذه العمليات نجد أن التلميذ لا يستطيع أن يكتسب معلومات من الخارج إلا إذا وجد لها تفسيرا باستخدام خبرته في هذا الموضوع ، ولكي تصبح هذه المعلومات من ضمن تكوينه المعرفي لابد من أن يخضعها للتجربة والاختبار.

ولقد ميز (برونر) بين ثلاثة مراحل من التعلم:

المرحلة الأولى: عبارة عن التعليم من خلال الخبرة المباشرة حيث يتم التعلم بالاتصال الحسي مع الأشياء الخارجية كأن يتعلم الطفل الفرق بین المثلث والدائرة بإعطائه نموذجاً للمثلث وللدائرة، يتحول بعدها الطفل إلى التعلم من خلال قدرته على تكوين صورة بصرية عن طريقها يمكن القول أن الطفل وصل إلى مرحلة تمثيل العالم الخارجي ذاته بشكل صور ذهنية، فيبدأ بالتعامل مع العالم من خلال مطابقة هذه الصور على أرض الواقع، فكما نعرف أن الطفل الصغير يستجيب بكلمة ماما لكل امرأة تظهر أمامه لكنه يتحوله بعد فترة لأن يستجيب بهذه الكلمة لأمه الحقيقة فقط . ونستنج من ذلك أن الطفل استطاع أن يكون صورة بصرية للام ويختزنها داخل عقلة ثم يستخرجها كلما رأى أمه.

المرحلة الثانية: التعلم التصوري حيث توضح الخبرات عن طريق الصور والرسوم والنماذج أو خرائط.

المرحلة الثالثة والأخيرة: مرحلة التعلم الرمزي وهي مرحلة من مراحل التعلم التي يبدأ التلميذ فيها بالتفكير المجرد أي القدرة على التعامل مع كثير من المفاهيم التي ليس لها تطبيقات حسية مباشرة على أرض الواقع كالديمقراطية والعدالة والفضيلة وما شابه ذلك.

ووضع (برونر) مجموعة من النقاط التي يمكن عدها شروطاً للتعلم بالاكتشاف والشروط هي :

  • استشارة اهتمام التلاميذ بموضوع التعلم.
  • أخذ مستويات التلاميذ بعين الاعتبار.
  • تسلسل المعلومات.
  • التغذية الراجعة.

والتعلم بالاكتشاف هو عملية تفكير تتطلب من الفرد إعادة تنظيم المعلومات المخزونة لديه وتكييفها بشكل يمكنه من رؤية علاقات جديدة لم تكن معروفة لديه من قبل.

وتشير بعض الدراسات أن هذه الطريقة تقوم على أربعة مرتكزات:

  • طرح ظاهرة واضحة ومفهومة لدى المتعلم.
  • طرح تساؤلات وأسئلة عديدة مترابطة بهذه الظاهرة ومترابطة بمستوى التفكير المنطقي لدى المتعلم.
  • جعل المتعلم يتقترح الحلول المناسبة حول هذه الظاهرة.
  • على المعلم تقييم هذه الحلول وجعل الإجابات النموذجية كخطوط عريضة من خلالها تكتشف قدرات الطلاب وإمكاناتهم.

أهمية التعلم بالاكتشاف:

  • يساعد الاكتشاف المتعلم في تعلم كيفية تتبع الدلائل وتسجيل النتائج وبذا يتمكن من التعامل مع المشكلات الجديدة.
  • يوفر للمتعلم فرصا ًعديدة للتوصل إلى استدلالات باستخدام التفكير المنطقي سواء الاستقرائي أو الاستنباطي.
  • يشجع الاكتشاف التفكير الناقد ويعمل على المستويات العقلية العليا
  • كالتحليل والتركيب والتقويم.
  • يعود المتعلم على التخلص من التسليم للغير والتبعية التقليدية.
  • يحقق نشط المتعلم وإيجابيته في اكتشاف المعلومات مما يساعده على الاحتفاظ بالتعلم لزمن أطول.
  • يساعد على تنمية الإبداع والابتكار.
  • لا يزيد من دافعية التلميذ نحو التعلم بما يوفره من تشويق و إثارة يشعر بها المتعلم أثناء اكتشفه للمعلومات بنفسه.

أنواع الاكتشاف:

هناك عدة طرق تدريسية لهذا النوع من التعلم بحسب مقدار التوجيه الذي يقدمه المعلم للتلاميذ وهي:

أولاً: الاكتشاف الموجه:

فيه يزود المتعلمين بتعليمات تكفي لضمان حصولهم على خبرة قيمة، وذك يضمن نجاحهم في استخدام قدراتهم العملية لاكتشاف المفاهيم والمبادئ العلمية، ويشترط أن يدرك المتعلمون الغرض من كل خطوة من خطوات الاكتشاف ويناسب هذا الأسلوب طلاب المرحلة التأسيسية ويمثل أسلوبا تعليميا يسمح للتلاميذ بتطوير معرفتهم من خلال خبرات عملية مباشرة.

ثانياً: الاكتشاف شبه الموجه:

فيه يقدم المعلم المشكلة للمتعلمين ومعها بعض التوجيهات العامة بحيث لا يقيده ولا يحرمه من فرص النشاط العملي والعقلي، ويعطي المتعلمين بعض التوجيهات.

ثالثاً: الاكتشاف الحر:

وهو أرقى أنواع الاكتشاف، ولا يجوز أن يخوض به المتعلمون إلا بعد أن يكونوا قد مارسوا النوعين السابقين، وفيه يواجه المتعلمون بمشكلة محددة، ثم يطلب منهم الوصول إلى حل لها ويترك لهم حرية صياغة الفروض وتصميم التجارب وتنفيذها.

دور المعلم في التعلم بالاكتشاف

  • تحديد المفاهيم العلمية والمبادئ التي سيتم تعلمها وطرحها في صورة تساؤل أو مشكلة.
  • إعداد المواد التعليمية اللازمة لتنفيذ الدرس .
  • صوغ المشكلة على هيئة أسئلة فرعية لتنمية مهارة فرض الفروض لدى المتعلمين.
  • تحديد الأنشطة أو التجارب الاكتشافية التي سينفذها المتعلمون.
  • تقويم المتعلمين ومساعدتهم على تطبيق ما تعلموه في مواقف جديدة.

ايجابيات نظرية التعلم بالاكتشاف:

  • قدم برونر المنهج الحلزوني لبناء المنهج.
  • راعي المستويات العقلية للمتعلم بصورة متدرجة من المحسوس إلى المجرد.
  • اهتم بالعمليات العقلية التي تتم من خلال الاكتشاف وليس بالنواتج.
  • تقدير المفهوم للمتعلم بما يتناسب وقدراته واستعداداته.
  • اهتم بعمليتي التعزيز والتقويم واختبار المعلومات لتثبيت عملية التعلم.

سلبيات نظرية التعلم بالاكتشاف:

  • قلة مراعاة الفروق الفردية.
  • طبيعة التقصي والاكتشاف تتطلب زمنا طويلا نسبيا إذا ما قورنت بالطرق الأخرى.
  • تحتاج هذه الطريقة إلى قدرة من المعلم لإثارة التفكير الخاص بالتقصي والاكتشاف.
  • احتمال تسرب اليأس إلى نفس الطالب في حالة فشه في الوصول إلى النتيجة.
  • ركز على العمليات وأهمل النواتج.
  • قد يتطلب الاكتشاف في بعض الأحيان إمكانات يصعب توفرها في كثير من المدارس.

يمنكم متابعتنا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا
يمنكم متابعتنا على قناتنا على التليجرام من هنا
يمنكم متابعتنا على قناتنا على اليوتيوب من هنا
يمنكم متابعتنا على تويتر من هنا
تبرع لنا و ادعمنا من هنا

تعليقات (0)

إغلاق