النظرية البنائية

النظرية البنائية

ظهرت البنائية كمفهوم قديما، ولعبت دورا في العلوم الطبيعية، إلا أن الالتفات لها كمنهج للتطبيق في كافة العلوم لم يتبلور إلا في عصرنا الحديث، وكان أحدث مجال غزته البنائية هو مجال التربية، حيث برزت فيه بثوب جديد يتمثل في التطبيق العملي والاستراتيجيات التدريسية التي تهدف إلى بناء المعرفة لدى المتعلم.

ويرى التربويون أن البنائية كمدرسة نفسية العالم ولكنها ظهرت كنظرية بارزة للتعلم في العقد الماضي نتيجة لأعمال، ديوي Dewey، ويباجيهPiaget، وبرونر Bruner ، وفيجوتسكي Vygotsky ، الذين قدموا سوابق تاريخية النظرية البنائية والتي تمثل نموذج للانتقال من التربية التي تستند على النظرية السلوكية إلى التربية التي تستند على النظرية المعرفية.

و البنائية من المذاهب الفكرية التي برزت في العصر الحديث ، وشكلت ثورة في الدراسات الإنسانية والاجتماعية، وطرق التعامل مع المعرفة، امتد أثرها بشكل بارز إلى ميدان التربية لتصبح منهجا ونشاطا تربويا يمارس من قبل الطالب بشكل خاص للوصول إلى المعرفة.

وتعد المدرسة البنائية من أكثر المداخل التربوية التي ينادي بها التربويون في العصر الحديث أنها تؤكد على توظيف التعلم من خلال السباق الحقبتي، والتركيز على أهمية البعد الاجتماعي في إحداث التعلم، كما تركز على أن الفرد يفسر المعلومات والعالم من حوله بناء على رؤيته الشخصية، وتتميز البنائية بأنها تجمع بين كونها : نظرية في المعرفة ، ومنهجاً في التفكير، وطريقة في التدريس.

الأساس الفكري للبنائية :

“إن الأساس الإنشائي لأي هيكل جديد من الممكن تحقيقه من خلال النضج والوعي والتجربة.”

بدايات ظهور الفكر البنائي:

أول بيان رسمي فلسفي يعبر عن الفكر البناني صدر في بدايات القرن الثامن عشر (1710م) في مقولة الفيلسوف الإيطالي جيامبتسا فيكو Giarnbattista : “إن الإله يعرف العالم لأنه هو الذي خلقه، وما يستطيع الكائن البشري أن يعرفه هو ما صنعه بنفسه فقط.”

البنائية في المعجم الدولي للتربية:

“هي رؤية في نظرية التعلم، ونمو الطفل، قوامها أن الطفل يكون نشطاً في بناء أنماط التفكير لديه نتيجة تفاعل قدراته الفطرية مع الخبرة”.

ويؤكد الكثيرون على أن البنائية نظرية في التعلم وليست مجرد مدخل تدریسي حيث يتمكن المعلمون من تدريس طلابهم بطرق توصف بأنها بنائية إذا كانوا على وعي ودراية بالكيفية التي يتعلم بها هؤلاء الطلاب.

وتعبر البنانية في أبسط صورها وأوضح مدلولاتها عن أن المعرفة تبنی بصورة نشطة على يد المتعلم ولا يستقبلها بصورة سلبية من البيئة.

المبادئ الأساسية للنظرية البنائية:

1- المتعلم لا يستقبل المعرفة ويتلقاها بشكل سلبي لكنه يبنيها من خلال نشاطه ومشاركته الفعالة في عمليتي التعليم والتعلم.

2- يستحضر المتعلم فهمه المسبق ویؤثر هذا الفهم في تعلمه للمعرفة الجديدة.

3- إن معرفة الفرد دالة لخبرته. (فالمعرفة دائماً قرينية أو سياقية بمعني أنها لا تنفصل عن العارف بها، ولا عن مواقف الخيرية المنبثقة عنها).

4- المعرفة “عملية” وليست نتيجة”.

5- يبنی المتعلم معني ما يتعلمه بنفسه بناء ذاتياً، حيث يتشكل المعني داخل بنيته المعرفية بناء على رؤية خاصة به، فالأفكار ليست ذات معان ثابتة لدى الأفراد.

6- المعرفة ليست موجودة بشكل مستقل عن المتعلم، فهي من ابتكاره هو وتكمن في عقله (دماغه) ومن ثم فهي تصبح أساس نظرته إلى العالم من حوله وعلى أساسها يفسر ظواهر هذا العالم وأحداثه.

مفهوم التعلم من منظور البنائية:

هو عملية بناء إبداعية مستمرة يعيد خلالها الفرد تنظیم ما يمر به من خبرات بحيث يسعى لفهم أوسع وأشمل من ذلك الفهم الذي توحي به الخبرات السابقة.

خصائص التعلم من منظور البنائية:

  • التعلم عملية بنائية نشطة ومستمرة وغرضية التوجه .
  • تتهيأ للمتعلم أفضل الظروف للتعلم عندما يواجه بمشكلة أو مهمة حقيقية.
  • تتضمن عملية التعلم إعادة بناء الفرد معرفته من خلال عملية تفاوض اجتماعي مع الآخرين.
  • المعرفة القبلية المتعلم شرط أساسي لبناء التعلم ذي المعني.
  • الهدف من عملية التعلم الجوهري هو إحداث تكيفات تتواءم مع الضغوط المعرفية الممارسة على خبرة الفرد.

العوامل المؤثرة في التعلم من منظور البنائية:

  • الاستعداد والقابلية للتعلم.
  • الطرق التي يمكن أن تعد بها مجموعة من المعارف التي يمكن أن يستوعبها المتعلم.
  • التسلسل الأفضل الذي يمكن أن تقدم به المادة الدراسية
  • طبيعة الثواب والعقاب وتوقيت كل منهما.

مراحل التدريس البنائي:

أولاً: التنشيط:

وفيها يقوم المعلم ب: إثارة الدافعية لتعلم موضوع الدرس، التعرف على ما لدى الطلاب من أفكار أولية مسبقة حول موضوع الدرس، طرح المشكلة/ السؤال المطلوب البحث عن حل أو إجابات عنه.

ثانياً: الاستكشاف:

وفيها يتوصل الطلاب بأنفسهم إلى الحلول /الإجابات للمشكلة/ السؤال موضع الاستكشاف، ممارسة الطلاب لعمليات البحث العلمي.

ثالثاً: المشاركة :

تبادل الأفكار بين أفراد الصف فيما وصلوا إليه من إجابات وحدوث تعديلات في أبنيتهم المعرفية.

رابعاً: التوسيع:

وفيها يتم : إثراء معرفة الطلاب عن موضوع الدرس ، تطبيق ما توصلوا إليه من معلومات في حياتهم العملية ، استخدام هذه المعارف في اتخاذ قرارات في القضايا الشخصية والمجتمعية.

التدريس الفعال من منظور المدرسة البنائية:

هو التدريس الذي يخاطب البنية المعرفية للمتعلم، ويواكب النمو المعرفي لديه ، ويلائم نواتج تعلمه، ويساعده على تحقيق درجة أعلى من المعالجة للمعلومات والاكتشاف القائم على شبكة مفاهيم في عقله.

مقارنة بين النظرية السلوكية والنظرية البنائية :

كلا الطريقتين يتمتع بتطبيقات جيدة في التربية، وشارکت هاتان النظريتان بدفع السيكولوجيين ، والتربويين للنظر في تطوير وتحسين التدريس والتعليم في مدارسنا.

فبينما يعتبر سکنر أشهر عالم عمل الكثير في النظرية السلوكية، يعتبر بياجيه أشهر عالم في النظرية البنائية، فالنظرية السلوكية الإجرائية لسکنر لها تأثير كبير في النظرية السلوكية للتدريس ، بينما المراحل المعرفية لبياجيه لها تأثير كبير في النظرية البنائية للتدريس.

كل من هاتين النظريتين تنظر إلى أهداف التعليم، والخبرات، وطرائق التدريس من نواحٍ مختلفة فالنظرية السلوكية تهتم بالسلوك الظاهر للمتعلم، بينما النظرية البنائية تهتم بالعمليات المعرفية الداخلية للمتعلم لذلك فإن دور كل من المعلم والطالب مختلف في كلا النظريتين.

فدور المعلم في السلوكية هو تهيئة بيئة التعلم لتشجيع الطلاب لتعلم السلوك المرغوب، بينما في البنائية تهيئ بيئة التعلم لتجعل الطالب ببني معرفته .


يمنكم متابعتنا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا
يمنكم متابعتنا على قناتنا على التليجرام من هنا
يمنكم متابعتنا على قناتنا على اليوتيوب من هنا
يمنكم متابعتنا على تويتر من هنا
تبرع لنا و ادعمنا من هنا

تعليقات (0)

إغلاق